" الحقيقية من عملية "أفيفيم" كانت الآلية التي استهدفها حزب الله تمرّ عند الإحداثية: 33 04 53 N 35 27 43 E بإمكان أي قارئ أن يُدخل هذه الأرقام في محرك بحث "غوغل" لفهم ما جرى بالأمس
. في عملية "أفيفيم" الأخيرة، حرصت "إسرائيل" على تسريب رواية "تمثيلية نقل الإصابات الوهمية بين الجنود إلى المستشفى". الحقيقة الوحيدة في الرواية هي أن "إسرائيل" تجهزت بالفعل "إخراجيًا" للتعامل مع رد حزب الله، و"تمثيلية نقل الإصابات الوهمية" هي أحد عناصر هذا الفيلم الذي أراد في النهاية إيصال رسالة للجبهة الداخلية بأن "حزب الله عانى من فشل عملياتي"، و"أن مناورة الخداع لنقل المصابين" كانت سرية إلى درجة ان الحيلة انطلت على "المستوى السياسي الإسرائيلي".
في الوقائع التي لن تقدر "إسرائيل" على دحضها: إن موقع العملية عند الطريق السريع خلف مستوطنة "أفيفيم" كما يظهر في الخريطة المرفقة يستحيل رؤيته من أقرب نقطتين مأهولتين في الأراضي اللبنانية؛ أي "عيترون" و"يارون".
وعلى الجيش الإسرائيلي توضيح هذه النقطة عاجلا أم آجلا للجبهة الداخلية؛ فنقطة الرؤية الوحيدة المحتملة للطريق السريع تكمن في منطقة حرجية خاضعة للمراقبة والرصد الإسرائيلي على مدار الساعة على بعد 2080 مترًا شرق مستوطنة "ييرؤن"
. لقد تم استهداف الآلية عند اضطرارها إلى إبطاء سرعتها نتيجة مرورها في منعطفين حادين كما يظهر في الصورة المرفقة، أي ان رصد الهدف كان يتم بشكل مباشر و حيّ، بعدما تم جمع المعلومات الإستخبارية اللازمة عن حركات الآليات في هذه المنطقة. وكانت مجموعة الاستطلاع مرتاحًة في مواقعها وهادئةً عند نقل المعلومات إلى عناصر الهجوم. تفيد رواية "التمثيلية" الإسرائيلية لنقل الإصابات إلى أن الجيش الإسرائيلي أرسل مروحيتين لينقل "دمًى"، حيث احتشدت آليات وجنود إضافيين في موقع الهجوم مخاطرين بإمكانية استهدافهم مرة أخرى، ثم انسحبت القوات الإسرائيلية بضعة كيلومترات إلى الخلف من الحدود تاركةً سكان مستوطنة "أفيفيم" والمستوطنة المجاورة في خطر مباشر أمام خط المواجهة الأول مع حزب الله! على رئيس الوزراء بينيامين نتنياهو توضيح هذه المسألة الخطيرة لمستوطني "أفيفيم" الذين طلبوا لقاءً عاجلًا معه اليوم، كما عليه توضيح الموقع الذي إنطلاق منه الهجوم، بغض النظر عن أي سجال حول عدد الإصابات. إن موقع العملية يقلل ببساطة من أهمية "الإنجاز" الإسرائيلي المزعوم في القضاء على خطر الأنفاق والتهديد الذي كانت تمثله. لقد أثبتت العملية أن حزب الله ليس بحاجة إلى النزول تحت الأرض ليطال أهدافا إسرائيلية. لقد باتت مشاهد العملية الموثقة بشكل كامل ورقة تهديد بيد حزب الله عشية الانتخابات الإسرائيلية.
وقد أجاد "بني غانتس" رئيس الأركان السابق ومنافس "نتنياهو" الحالي سياسيًا بإشارته إلى خطورة "اللسان الطويل" لرئيس الوزراء. التقط قلة من الخبراء الإسرائيليين إشارات السيد نصر الله المتكررة في الأسابيع القليلة الماضية حول "البث المباشر" لتدمير الآليات الإسرائيلية وإنزال الهزيمة بالجيش الإسرائيلي في حال وقوع أي حرب.
لا يتحدث السيد عن آلية معروفة في بث المشاهد وتوزيعها. ولكن هذه المسألة قد تظهر ارهاصاتها في ما سيأتي لاحقًا. وعلى قيادة الجبهة الداخلية التفكير الآن بالتعامل مع البث المصور للعملية.
لقد كشفت عملية حزب الله، ومرة أخرى بغض النظر عن أي نقاش في عدد الإصابات، عن سلسلة إجراءات هامة اتخذها الجيش الإسرائيلي في وسط البلاد وشماله، وفي معابره البحرية والجوية. وهذه المعلومات الهامة ما كانت لتتكشف سوى بوقوع الهجوم، واستنفار الجيش الإسرائيلي.
قيمة هذه المعلومات في أنّها تندرج ضمن توقع و فهم إجراءات "إسرائيل" عند الذهاب إلى أي مواجهة عسكرية مقبلة
. لم ترمم إسرائيل مستوى الردع، بل إن استنفارها المستمر والمتواصل منذ أكثر من أسبوع يعني أنها رفعت مستوى الردع لدى الجانب الاخر. وهذه مسألة أخرى سنقوم بمعالجتها بشكل مستقل في "الميادين نت".
المصدر : الميادين