ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في تقرير لها أنه بعد تصريح رئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو عن عزمه فرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات والأغوار وشمال البحر الميت في الضفة الغربية المحتلة، عملت طواقم من المستشارين القانونيين في وزارة الأمن والجيش الإسرائيليين على إعداد وجهة نظر قانونية وتوصيات تسمح لليهود بتملك أراضٍ في الضفة الغربية المحتلة.
وقالت الصحيفة إن الطواقم المهنية من المحامين والأجهزة الأمنية قامت بتحضير وثيقة حيال هذه التوصيات التي تجيز لليهود بشراء وتملك الأراضي في الضفة الغربية كأفراد وبشكل شخصي.
ونقلت "هآرتس" عن مصدر مطلع على الصفقات العقارية في الضفة الغربية قوله إن "وجهة النظر هذه وتوصيات من هذا القبيل تعتبر ثورية، وهي توصيات يتم انتظارها منذ سنوات في المستوطنات".
وتم إيداع وجهة النظر القانونية والتوصيات على طاولة نائب المستشار القضائي للحكومة إيرز كامينيتس، الذي يتوقع أن يوافق عليها، بدعم من المستشار أفيحاي مندلبليت.
وأفادت الصحيفة الإسرائيلية أنه يجري طرح مثل هذه التعديلات، فيما تنشط شركات للمستوطنين بعمليات لوضع اليد على الأراضي الخاصة للفلسطينيين، عبر صفقات مزورة وتزييف للوثائق والمستندات العقارية.
واستولت الشركات الاستيطانية على مساحات واسعة من الأراضي بالتحايل والتزييف، وفي غالبها حصلت على مصادقة من المحاكم الإسرائيلية.
ووفقاً للقوانين المعمول بها في الضفة الغربية المحتلة، لا يسمح إلا للأردنيين أو الفلسطينيين أو الأجانب من أصل عربي بشراء وتملك الأراضي هناك. كما لا يسمح لليهود ولا للإسرائيليين بتنفيذ معاملات عقارية وإبرام صفقات في الضفة الغربية بشكل فردي، ولكن يسمح ذلك فقط من خلال شركة وموافقة رئيس الإدارة المدنية في جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضحت "هآرتس" أن هذا الإجراء المعمول به والذي يعتبر بمثابة كبح لتوسيع المستوطنات، أدى إلى ظهور شركات مثل "أمانه" لمالكها زئيف حفير، الذي يسيطر حالياً على المعاملات العقارية في الضفة الغربية.
وقد طُلب من الطواقم المهنية ومن المحامين في جيش الاحتلال ووزارة الأمن الإسرائيليين، فحص إذا كان بالإمكان إلغاء القيود المفروضة على شراء الأراضي في الضفة من قبل اليهود، وقد كان جوابهم الأولي إيجابياً وأنه يمكن إلغاء هذه التقييدات، ما يعني السماح لكل يهودي بشكل منفرد بشراء أراض في الضفة.
وأضافت الصحيفة أنه رغم الاتفاق المبدئي بين وزارة الأمن وسلطات جيش الاحتلال ممثلة بالإدارة المدنية على إلغاء التقييدات والسماح لليهود بالتملك وشراء أراض في الضفة، إلا أن مواقفهما تتباين حيال تداعيات هذه الخطوة وكذلك في قضية الحاجة لأن تكون مثل هذه الصفقات وشراء الأراضي منوطة بموافقة رئيس الإدارة المدنية.
وكتب رئيس قسم الأراضي في الاستثارة القانونية (لإدارة الاحتلال) في الضفة الغربية، تسفي ماينتش، في وجهة النظر القانونية والتوصيات التي تم تحضيرها قائلاً: "نعتقد أنه يمكن العمل من أجل إلغاء التمييز الحالي بالقانون الأردني بين إنسان من أصول عربية وإنسان أجنبي وغير عربي".
وأضاف في توصياته أن "حظر معاملات عقارات وصفقات على أساس الانتماء الوطني والقومي يثير الانزعاج"، حيث اعتمد في وجهة نظره على اقتباس تقرير لجنة برئاسة القاضي إدموند ليفي، المتعلقة بالحظر، قائلاً "لا ينتهك هذا الحق الذي تم الاعتراف به منذ وقت طويل من قبل نظامنا القانوني فحسب، بل يعاني أيضاً من التمييز بدافع غير لائق".
وأوضح ماينتش أنه وفقاً لقوانين الاحتلال العسكري المطبقة في الضفة الغربية، لم يسمح للجيش إلا بإصدار أوامر قضائية تتعلق بملفات للسكان الفلسطينيين المحليين، وأنه "على مر السنين، تم معاملة السكان الفلسطينيين فقط في المنطقة على أنهم سكان محليون".
وقال ماينتش إن "تعريف المستوطنين كجزء من السكان المحليين سيتطلب موافقة المستشار القضائي للحكومة. وإلا، سيكون من الضروري تبرير التعديل المقترح لتحسين وضع السكان الفلسطينيين، الأمر الذي سيؤدي بالتأكيد إلى صعوبات".
ومع ذلك، كتب رئيس قسم الأراضي أنه وفقاً لما ذكره المستشار القضائي في الضفة الغربية، لا يوجد أي عائق قانوني لتغيير القانون في مرسوم ينص على أن رئيس الإدارة المدنية مخول بالسماح لأي فرد وبغض النظر عن أصله، شراء الأراضي في الضفة.
لكنه حذر من هذا الإجراء وتداعياته، ودعا إلى فحص إذا ما كانت هذه التوصيات ووجهة النظر والتعديل تعتبر انتهاكاً للقوانين والمواثيق الدولية، داعياً وزارة القضاء الإسرائيلية لفحص ذلك، مقترحاً على المستوى السياسي أن يأخذ بعين الاعتبار الموقف الدولي من هذا التعديل.
ذات الموقف عبّر عنه المستشار القضائي في وزارة الأمن والذي دعم إجراء التعديل والسماح لليهود بشراء أراضٍ في الضفة، قائلاً إن "التشريع الحالي في الضفة الغربية يضع صعوبات وعقبات أمام صفقات عقارات وأراضٍ لأي طرف غير فلسطيني يسعى لشراء أرض في الضفة، وعليه هذا يبرر إجراء تعديل تشريعي من شأنه أن يشطب ويلغي التمييز بين ذوي الأصول العربية وغير العرب، والذي لا يسمح بشراء العقارات في الضفة من قبل أي شخص".
ورفضت وجهة النظر القانونية لوزارة الأمن والتي أعدها كل من المحامي حنان فاينغوط والمحامي حين أربيل، تحذير المستشار القضائي في الضفة الغربية من مغبة التداعيات والانتقادات الدولية. وقالا إن الواقع القائم بإقامة شركات يهودية لشراء أراضٍ في الضفة الغربية منذ سبيعينات القرن الماضي، سيساعد على الترويج وإنجاح التعديل المقترح وقبوله دولياً، بحسب توصية وزارة الأمن الإسرائيلية التي تقترح أيضاً إعفاء مدير الإدارة المدنية من مسؤولية المصادقة والموافقة على صفقات شراء اليهود للأراضي في الضفة.
المصدر: هآرتس