كتبت صحيفة “الأخبار ” تقول : يوم أول من أمس، قال رياض سلامة إن كل كلام عن أزمة دولار في السوق مضخّم، وإن الدولار متوافر، والمشكلة بين التجار والصرافين، ولا شأن لمصرف لبنان بالمشكلة بين التجار والصرافين، ولا حاجة إلى إجراءات استثنائية. يوم أمس، تراجع معترفاً بوجود أزمة، وبأنه سيتدخّل يوم الثلاثاء المقبل. لماذا بدّل رأيه بهذه السرعة؟
ليل أمس، أصدر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بياناً قال فيه إنه سيُصدر تعميماً يوم الثلاثاء المقبل، ينظّم فيه تمويل استيراد القمح والدواء والبنزين بالدولار الأميركي، “وذلك بعد مراجعة فخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس مجلس الوزراء ومعالي وزير المالية والوزراء المختصين”. البيان صدر ليلاً، بما يوحي وكأن طارئاً ما حصل، فيما أزمة الحصول على دولارات من السوق عمرها أسابيع، وتفاقمت منذ أيام. ويوم أول من أمس، نفى سلامة وجود أزمة دولار في السوق، قائلاً، على سبيل المثال، إن أزمة تجار المحروقات التي دفعتهم إلى الإضراب، هي مشكلة بينهم وبين الصرافين “ولا شأن لمصرف لبنان بذلك”. وأكّد سلامة، أول من أمس أيضاً، في مؤتمر صحافي مع وزير الصناعة وائل أبو فاعور، أن “البنوك اللبنانية تلبي طلب العملاء على الدولار، مع إمكانية السحب من أجهزة الصراف الآلي في معظم البنوك”. وأضاف أن “الدولار متوافر في لبنان، والكلام الذي نراه في وسائل التواصل الاجتماعي، وأحياناً الإعلام، مضخم وله أهدافه”، لافتاً إلى أن “أي إجراءات خاصة بأجهزة الصرف الآلي ترجع إلى سياسة كل بنك على حدة”. وأضاف أن عدم توافر الدولار في بعض الأماكن قد تكون لوجستية، مشيراً إلى أن “لدى البنك المركزي احتياطيات تتجاوز 38.5 مليار دولار، وهو حاضر في السوق، ولا حاجة إلى إجراءات استثنائية”.
إذاً، كل الكلام كان مضخّماً، “وله أهدافه”، والدولار متوافر، ولا شأن لمصرف لبنان بالأزمة، ولا حاجة إلى إجراءات استثنائية. هذه كانت خلاصة كلام سلامة أول من أمس، لكنه تراجع أمس عن كل ما كان يكرره سابقاً، ليعلن تدخل مصرف لبنان بدءاً من الثلاثاء المقبل، في أول اعتراف منه بوجود الأزمة.
فما الذي تغيّر؟
الإجابة عن السؤال السابق موجودة في محاضر اللقاءات التي عقدها مساعد وزير الخزانة الأميركي مارشال بيلنغسلي، الذي استغرب أول من أمس، في عدد من الاجتماعات التي التقى فيها مسؤولين لبنانيين، شحّ الدولارات في السوق اللبنانية. وفيما قال له الرئيس نبيه بري إن سبب الأزمة هو العقوبات الأميركية وخوف المودعين من تدهور الأوضاع في البلاد نتيجة للإجراءات الأميركية، فضلاً عن خشية المغتربين من تحويل أموال إلى لبنان للسبب عينه، ردّ بيلنغسلي بأن الأمر من مسؤولية مصرف لبنان والمصارف المحلية. وبالفعل، أجرى بيلنغسلي سلسلة اتصالات مع سلامة وعدد من المصارف، وقال لهم إن عليهم “إيجاد علاج سريع لأزمة السيولة، ولا يمكن تحميلنا المسؤولية”.
كذلك طلبت السفارة الأميركية، كما بيلنغسلي، القيام بحملة إعلامية، هدفها القول إن أزمة الدولارات في السوق اللبنانية سببها تهريب العملة الأميركية إلى سوريا من لبنان، إضافة إلى التحويلات الشرعية التي يقوم بها عمال ونازحون سوريون إلى داخل بلادهم، بعد تحويل دخلهم من الليرة اللبنانية إلى الدولار، وبأسعار مرتفعة. وعلمت “الأخبار” أن الأميركيين يدقّقون في إمكان وجود مصارف تشتري دولارات من مصرف لبنان لتبيعها في السوق السوداء. ويضع الأميركيون ذلك في إطار التثبت من إمكان استخدام ذلك لنقل دولارات إلى سوريا.
وبناءً على الاتصالات الأميركية، أجرى حاكم مصرف لبنان سلسلة مشاورات مع مسؤولين في السلطة التنفيذية وفي القطاع المصرفي، قبل أن يعلن ليلاً نيته إصدار تعميم لـ”تنظيم تمويل الاستيراد بالدولار