على وقع زيارة وزير الخارجيّة البريطانيّة ديفيد كاميرون إلى لبنان، ذكرت صحيفة "الأخبار"، أنّ "كاميرون تبلّغ موقفاً لبنانياً موحّداً في المضمون، وإن اختلفت طريقة التعبير عنه بين مسؤول وآخر، وفحواه ألا جهوزية في لبنان للبحث في أي ترتيبات خاصة بالحدود مع فلسطين المحتلة، قبل وقف العدوان على غزة".
وعلمت "الأخبار"، أن "المسؤول البريطاني يحاول، بالتعاون مع الجانب الفرنسي، تحييد الجبهة اللبنانية عما يجري في قطاع غزة". وأوضح متابعون أن "العواصم الغربية التي تتحدّث عن وقف وشيك لإطلاق النار في قطاع غزة، تتصرف على قاعدة أن هناك احتمالاً قوياً لاستئناف العدوان على القطاع بعد انتهاء الهدنة المحتملة، ربطاً بالرفض الاسرائيلي لإعلان وقف نهائي لإطلاق النار، وإصرار العدو على هدنة إنسانية في المفاوضات الجارية؛ للتوصل إلى تبادل للأسرى والمعتقلين مع حركة حماس".
وأوضح مسؤول معني لـ"الأخبار"، أنّ "بناءً على هذا التقدير، يروج الجانبان البريطاني والفرنسي لفكرة وقف تدريجي لإطلاق النار على الجبهة اللبنانية- الإسرائيلية، مبيّنًا أنّ "الاقتراح يستهدف خلق آلية جديدة لعمل قوات الطوارئ الدولية في الجنوب بالتعاون مع الجيش اللبناني، تحظى بدعم الدول المشاركة في القوات الدولية والأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، خصوصاً الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا".
وذكرت الصّحيفة أنّ "الاقتراح يتضمن إنشاء فوج جديد في القوات الدولية، يتولّى مراقبة جانبي الحدود بواسطة أبراج تقام مباشرة على الخط الأزرق، مع تعزيز انتشار الجيش اللبناني في المنطقة الحدودية".
وكشفت مصادر "الأخبار"، أن "الاقتراح يشير إلى تجربة تبدأ في منطقة تمتد من رأس الناقورة غرباً بمسافة 5 كلم باتجاه الشرق، على أن تتوزّع الأبراج وفق مسافات تؤمّن لها القيام بالمهمة، بالتزامن مع إنهاء المظاهر المسلحة على جانبَي الحدود على طول هذه المسافة.
ووصف المسؤول المعني، المقترَح بأنه "فريد من نوعه، لكنه غريب جداً، سيجري تنفيذه من دون ربطه بمجريات الحرب في غزة، بما يمكّن بعد فترة وجيزة من الوصول إلى منطقة آمنة على طول الحدود، مع قدرات أكبر للقوات الدولية والجيش اللبناني على منع الخروقات؛ ما يوفّر المناخ الآمن لعودة النازحين من السكان على جانبَي الحدود".
وأضاف: "بعد التواصل مع "حزب الله" بطرق مختلفة، فإن الموقف الرسمي الذي سمعه البريطانيون والفرنسيون، والذي كرّره مسؤولون في الحزب أمام موفدين غربيين وأمام مسؤولين لبنانيين، مفاده أن البحث "غير وارد" على الإطلاق في هذه الفكرة ولا في غيرها".
ميدان الجنوب
في موازاة ذلك، كشفت مصادر دبلوماسية غربية لصحيفة "الجمهورية"، انّ "خيار الحرب، ورغم التهديدات الاسرائيلية، يبقى أبعد الاحتمالات، جراء المانع الاميركي لهذه الحرب. واسرائيل لا تستطيع تجاوز الموقف الاميركي، والإقدام على اي خطوة من شأنها الإضرار بالمصالح الاميركية، او ارباك السعي الاميركي الى خلق واقع مستقر في منطقة الحدود ارتكازاً الى القرار 1701، عبر المهمّة الحساسة لتحقيق هذه الغاية، التي اناطتها الادارة الاميركية بكبير المستشارين آموس هوكشتاين، الذي سيزور المنطقة في وقت ليس بعيداً وربما خلال ايام قليلة؛ في سياق المهمّة الصعبة التي بدأها في ما خصّ الحدود البرية ومنطقة عمل القرار 1701".
لا انسحاب
وغلّبت المصادر خيار الحل الدبلوماسي، على الخيار الحربي ربطاً بالتهديدات الاسرائيلية، مشيرةً إلى أنّ "آلية هذا الحل ستُبنى خلال النقاشات التي سيجريها هوكشتاين مع الجانبين اللبناني والاسرائيلي".
وأكّدت مصادر رسمية لبنانية رفيعة المستوى لـ"الجمهورية"، انّ "الطرح الاسرائيلي بانسحاب "حزب الله" الى شمال الليطاني، او لبضعة كيلومترات، هو من سابع المستحيلات التي تسعى اسرائيل الى تحقيقها بالديبلوماسية، ولبنان التزامه ثابت ونهائي وكلّي بالقرار 1701، ولا يمكن ان يقبل بأي طرح او ترتيبات من شأنها ان تمسّ سيادته؛ او تأتي على حساب ابناء المنطقة الجنوبية".
بدوره، أشار مسؤول رفيع لـ"الجمهورية"، إلى أنّ "واشنطن تدعم الطرح الاسرائيلي، وتسعى الى تمريره تحت عنوان "حلّ يمكّن المدنيين من العودة الى بيوتهم على جانبي الحدود".
وعن احتمال ان تمارس واشنطن ضغوطاً على لبنان لتمرير هذا الحل، ركّز على أنّ "الحل للمنطقة الحدودية بسيط وليس معقّداً على الاطلاق، ويرتكز على التطبيق الكلي للقرار 1701، وخصوصاً من جانب اسرائيل، وإلزامها بتطبيق هذا القرار مسؤولية الاميركيين بالتحديد". وشدّد على أنّه "في ما خصّ الوضع الأمني، الامر بيد اسرائيل وحدها، فعندما توقف العدوان واطلاق النار في غزة، تعود الحياة بشكل تلقائي الى طبيعتها في المنطقة الحدودية، على نحو ما كانت عليه قبل 7 تشرين الاول من العام الماضي".
وفي السياق نفسه، أكّدت مصادر قيادية في "حزب الله"، لـ"الجمهورية"، انّه "يُخطئ من يعتقد انّ في إمكان اسرائيل ان تفرض واقعاً جديداً في منطقة الجنوب، تحت ستار القرار 1701 او غيره، وكما سبق واكّد الامين العام للحزب السيّد حسن نصرالله، فإنّ "حزب الله" يرفض اي بحث في ما خصّ منطقة الحدود او ما يتصل بالقرار 1701، قبل أن توقف اسرائيل عدوانها على قطاع غزة ولبنان".